الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

زخرفة المساجد والإسراف في بناء المآذن والقباب

97497

تاريخ النشر : 13-04-2007

المشاهدات : 46509

السؤال

علمت أنه من الصدقة الجارية بناء مسجد ، فأريد من فضيلتكم بعض التوضيحات والتوجيهات عن هذا الأمر فيما يخص التالي : صفة المسجد الصحيحة والشرعية ، المئذنة والقبة اللتان نراهما حديثا في بناء المساجد ، هل هما لازمتان لبناء المسجد ، وخاصة أن تكاليف بنائهما في بلدي قد تصل إلى 15000 دينار ليبيي ، ثم ما يخص حاجيات المسجد ، من رخام وأبواب عالية الجودة وزجاج ومفروشات عالية الجودة والإنارة المضاعفة ، ومثل هذه الأمور التي اعتدنا أن نراها في المساجد ، كل هذا وما يشابهه ما حكم الشرع فيه ، وكيف يكون بناء المسجد بصورة شرعية كاملة ، أحتاج من فضيلتكم التوضيح التام لهذا الأمر . وجزاكم الله كل الخير على المجهود المميز لكم في هذا الموقع ، الذي هو خياري الأول والأفضل عندي في كل الأحيان و الأحوال ، للخير العامر فيه والغيث النافع من العلم الذي أجده فيه !! سدد الله خطاكم في كل ما يحب ويرضى .

الجواب

الحمد لله.

أولا :
نشكر لك ـ أيها الأخ الكريم ـ حسن ظنك بإخوانك في الموقع ، وتواصلك معنا ، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه من العلم النافع والعمل الصالح .
ثانيا :
بناء المساجد وإعمارها وتهيئتها للمصلين ، من أعمال البر والخير التي رتب عليها الشارع ثوابا عظيما ، وهي من الصدقة الجارية التي يمتد ثوابها وأجرها حتى بعد موت الإنسان .
قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) التوبة/18
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ بَنَى مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ ) رواه البخاري (450) ومسلم (533) من حديث عثمان رضي الله عنه .
وروى ابن ماجه (738) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ ، أوْ أَصْغَرَ ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ) صححهالألباني .
والقطا طائر معروف ، ومَفحص القطاة بفتح الميم : موضعها الذي تجثم فيه ، وتبيض ، وخصصت القطاة بهذا لأنها لا تبيض في شجر ولا على رأس جبل ، إنما تجعل مجثمها على بسيط الأرض دون سائر الطيور، فلذلك شبه به المسجد . ينظر : حياة الحيوان للدميري .
قال أهل العلم : وهذا مذكور للمبالغة ، أي ولو كان المسجد بالغا في الصغر إلى هذا الحد .
ثالثا :
لا حرج في بناء القبة على المسجد لغرض الإضاءة والتهوية ، وكذلك بناء المئذنة لأجل بلُوغ صوتِ المؤذن إلى أقصى حدٍ مُمكن ، أو لِيُعرف المسجد منْ بُعد فُيقصد من قِبَلِِ المصلِّين ؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد ، لكن ينبغي الاقتصار على ما يحقق الغرض ، من غير إسراف ، فيكفي في المئذنة بناء مستقيم مرتفع ، بلا زخارف أو زينة ، وإن بني المسجد بدونها فلا حرج .
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز بناء القبب في المساجد إذا كانت لغرض الإضاءة والتهوية ؟
فأجابوا : : لا نعلم حرجا في ذلك إذا كان الأمر كما ذكر في السؤال " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6/246)
وجاء فيها أيضا (6/254) : " يعترض بعض الناس على إنشاء المآذن أصلا ويعتبر ذلك مخالفا للسنة وتبذيرا للمال ، ويرد عليه فريق آخر بأن المآذن أصبحت معلما يشهر المسجد ويدل عليه في وسط البنايات المزدحمة المرتفعة ، وهي تحجب الرؤية من بعيد ، والمسجد بمئذنته السامقة يشعر الكثيرين بأن المسلمين ما زالوا بخير أمام التحديات الكثيرة التي يواجهونها .
ج : لا حرج في إقامة المآذن في المساجد ، بل ذلك مستحب لما فيه من تبليغ صوت المؤذن للمدعوين إلى الصلاة ، ويدل على ذلك أذان بلال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على أسطح بعض على أسطح بعض البيوت المجاورة لمسجده ، مع إجماع علماء المسلمين على ذلك " انتهى .
رابعاً :
ينبغي ترك الإسراف والمغالاة في الفرش والأبواب ونحوها، فإن الله تعالى لا يحب المسرفين.
وبوب البخاري في صحيحه : " باب بنيان المسجد ، وقال أبو سعيد : كان سقف المسجد من جريد النخل – يعني مسجد النبي صلى الله عليه وسلم- ، وأمر عمر ببناء المسجد وقال : َأِكنّ الناسَ من المطر ، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس ، وقال أنس : يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلا ، وقال ابن عباس : لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى " انتهى .
وروى أبو داود (448) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال الخطابي رحمه الله : التشييد : رفع البناء وتطويله .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب