الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

حكم التصدق بعد كل معصية

السؤال

هل يشرع لمن أتى معصية أن يتصدق بعدها ؟

الجواب

الحمد لله.

صدقة التطوع سنة مؤكدة في كل وقت ، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع العلماء

جاء في "كشاف القناع" (2/295) : "وصدقة التطوع مستحبة كل وقت إجماعاً ; لأنه تعالى أمر بها ورغب فيها وحث عليها..." انتهى ، وينظر جواب السؤال رقم (36783) .

ثانياً :

الواجب على المسلم إذا عمل معصية أن يتوب إلى الله تعالى منها فوراً ؛ لقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة النور/31 .

وأمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم بالتوبة فقَالَ : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ) رواه مسلم (2702) ، وينظر جواب السؤال رقم : (129479).

فإن كانت المعصية متعلقة بحق آدمي ، كالسرقة والغصب...وجب رد الحق إلى صاحبه ، أو طلب العفو والمسامحة منه ، وينظر بقية شروط التوبة الصادقة في جواب السؤال رقم : (104241) .

ثالثاً :

لا حرج أن يتصدق المسلم عقب كل معصية بشيء من ماله ؛ لعموم قوله تعالى : (إن الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) هود/114 .

وقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) البقرة/271 .

قال ابن جرير : "(وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ) بمعنى: ويكفر الله عنكم بصدقاتكم.." انتهى .

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : (لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ ، وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا...) رواه الترمذي (1987) وحسنه الألباني في "سنن الترمذي" .

وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (والصدقةُ تُطْفِئُ الخطيئة كما يُطْفِئُ الماءُ النارَ) الترمذي (614) وصححه الألباني في "سنن الترمذي" .

وثبت في قصة كعب بن مالك رضي الله عنه وتوبته عن التخلف عن غزوة تبوك أنه قال : قلت : (يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قَالَ له الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ) رواه البخاري (2758) ، ومسلم (2769) .

قال النووي رحمه الله : "فيه استحباب الصدقة شكراً للنعم المتجددة لاسيما ما عظم منها" انتهى من شرح مسلم .

وجاء في "مغني المحتاج" (3/206) : "ويسن التصدق عقب كل معصية قاله الجرجاني" انتهى.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب