الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

حكم التسبيح باستعمال برنامج " المسبحة الإلكترونية "

128914

تاريخ النشر : 11-08-2009

المشاهدات : 154036

السؤال

انتشرت في المنتديات المسبحة الإلكترونية للتسبيح ، وطريقتها سهلة ، وهي تساعد على ذكر الله ، وبصراحة فقد أعجبتني ، وصرت هذه الأيام كلما فتحت الجهاز فتحت البرنامج ، وقعدت أسبح ، وأهلل ، وأكون ملزمة نفسي ، ولا أغلق الصفحة إلا حين أنتهي ، وبدون ما أنظر : أنشغل ، وأنسى ، أنا أعرف أن التسبيح باليد أفضل ، لكن أنا أكون مشغولة على " النت " ، هذه عندي أفضل ، وأردت أسال عن حكمها ؛ لأني سمعت أنهم يقولون إنها من الصوفية , وأنا ما قصدت أقلدهم ، أنا أذكر الله وفقط . أتمنى أعرف الحكم ، الله يعافيك ، علماً أني استفدت منها كثيراً ، وشكراً .

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

اختلف العلماء في حكم " السبحة " ، فقال بعضهم إنها بدعة ، وقال آخرون : إنها ليست كذلك ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (3009) .

والذي ينبغي ألا يختلف فيه :

1-أن التسبيح على الأصابع أفضل ، لأن هذا هو الذي أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وعدُّ التسبيح بالأصابع : سنَّة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم  للنساء ( سبِّحنَ واعقدن بالأصابع ؛ فإنهن مسؤولات ، مستنطَقات)" انتهى .

" مجموع الفتاوى " ( 22 / 506 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

"ولكن الأفضل منها [يعني أفضل من السبحة] أن يعقد الإنسان التسبيح بأنامله - أي : بأصابعه - ؛ لأنهن ( مستنطقات ) كما أرشد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى .

" فتاوى الشيخ العثيمين " ( 13 / 173 ) .

2- أن إظهار التسبيح بالسبحة رياءً : محرم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

وأما اتخاذه – أي : التسبيح بالمسبحة - من غير حاجة ، أو إظهاره للناس ، مثل تعليقه في العنق ، أو جعله كالسوار في اليد ، أو نحو ذلك : فهذا إما رياء للناس ، أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة ، الأول : محرم ، والثاني : أقل أحواله الكراهة ؛ فإن مراءاة الناس في العبادات المختصة ، كالصلاة ، والصيام ، والذِّكر ، وقراءة القرآن : من أعظم الذنوب .

" مجموع الفتاوى " ( 22 / 506 ) .

3- أن التسبيح بها بالأصابع مع غفلة القلب واللسان عن الذِّكر : تسبيح باطل ، لا أجر لصاحبه .

قال المناوي رحمه الله :

أما ما ألفهُ الغَفَلَة البَطَلَة ، من إمساك سُبحة ، يغلب على حباتها الزينة ، وغلو الثمن ، ويمسكها من غير حضور في ذلك ، ولا فِكر ، ويتحدث ، ويسمع الأخبار ، ويحكيها وهو يحرك حباتها بيده ، مع اشتغال قلبه ولسانه بالأمور الدنيوية : فهو مذموم ، مكروه ، من أقبح القبائح .

" فيض القدير " ( 4 / 468 ) .

وقال ابن الحاج العبدري رحمه الله :

وبعضهم يمسكها – أي : السبحة - في يده ظاهرة للناس ، ينقلها واحدة واحدة ، كأنه يعدُّ ما يذكر عليها ، وهو يتكلم مع الناس في القيل والقال ، وما جرى لفلان ، وما جرى على فلان ، ومعلوم أنه ليس له إلا لسان واحد ، فعدُّه على السبحة على هذا : باطل ؛ إذ إنه ليس له لسان آخر حتى يكون بهذا اللسان يذكر ، واللسان الآخر يتكلم به فيما يختار ، فلم يبق إلا أن يكون اتخاذها على هذه الصفة من الشهرة ، والرياء ، والبدعة .

" المدخل " ( 3 / 205 ) .

ثانياً :

اطلعنا على البرنامج المشار إليه في السؤال ، والذي ظهر لنا أنه أهون من التسبيح على السبحة ، فإذا قيل بأن السبحة جائزة فهذا البرنامج جائز ، وذلك لأن بعض المحذورات الموجودة في استعمال السبحة غير موجودة في هذا البرنامج ، كمراءاة الناس بالسبحة ، أو عد التسبيح باليد مع كون القلب واللسان مشغولين بأمور دنيوية والحديث مع الناس .

غير أننا ننبه على أمور :

1- أن الأذكار التي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم تقييدها بعدد لا يشرع التزام عدد معين فيها ، بل يذكر المسلم ربه ما شاء ، قليلاً أو كثيراً .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

"الأصل في الأذكار والعبادات : التوقيف ، وألا يُعبد الله إلا بما شرع ، وكذلك إطلاقها ، أو توقيتها ، وبيان كيفياتها ، وتحديد عددها ، فيما شرعه الله من الأذكار ، والأدعية ، وسائر العبادات مطلقاً عن التقييد بوقت ، أو عدد ، أو مكان ، أو كيفية : لا يجوز لنا أن نلتزم فيه بكيفية ، أو وقت ، أو عدد ، بل نعبده به مطلقاً كما ورد ، وما ثبت بالأدلة القولية ، أو العملية تقييده بوقت ، أو عدد ، أو تحديد مكان له ، أو كيفية : عبدنا الله به ، على ما ثبت من الشرع له" انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" مجلة البحوث الإسلامية " ( 21 / 53 ) ، و " فتاوى إسلامية " ( 4 / 178 ) .

ولتنظر أجوبة الأسئلة : ( 22457 ) و ( 21902 ) .

2- في البرنامج أيقونة عنوانها " أسماء الله الحسنى " ، وقد اعتمد واضعها على رواية الترمذي لعد الأسماء التسعة والتسعين ، وهي رواية ضعيفة باتفاق أهل العلم بالحديث .

وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم ( 72318 ) .

مع التنبيه على أنه لا يشرع أن يذكر الله تعالى باسمه المفرد ، فلا يشرع أن يذكر الله قائلاً يا الله ، يا الله ، يا الله . أو : يا قدوس يا قدوس ... إلخ .

وانظر جواب السؤال رقم (9389) و (91305) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب